أ.د/ جاسم سلطان يلقي محاضرة بعنوان أولويات المسلمين المستقبلية
ضمن فعاليات مشروع "الإسلام في القرن الواحد والعشرين" الذي يقيمه القسم الدولي في معهد التفكر الإسلامي تم عقد محاضرة للدكتور جاسم سلطان في 09 مايو/ آيار 2023، بعنوان " أولويات المسلمين المستقبلية" حيث ركز في كلمته على عدد من النقاط منها:
تساءل "ماهي المسائل التي نتجادل حولها نحن كمسلمين ونرى أنها بحاجة الى تغيير؟" وأشار إلى أننا عندما نتحدث عن العدل والحكم الصالح، فإننا لا نناقش ذلك باعتبارات العالم المعاصر. وأكد أننا عند مناقشة التحضر والعمارة لا نطبق ما نناقشه على أرض الواقع ، وأننا لا نراعي الاختلافات بين مدن الماضي ومدن اليوم.
وأشار إلى أن أ.د. محمد غورماز ذكر أن أصحاب الكهف لما استيقظوا من نومهم وأرسلوا صاحبهم ببعض المال لكي يأتي لهم بما يأكلونه وجدوا بضاعتهم ردت إليهم، لأنها لم تكن توافق إحتياجات الواقع الجديد. ونفس الرؤية تصلح ليومنا هذا، لهذا لا ينبغي أن نترك الديالكتيك الأرسطي القديم وراءنا. وأضاف الدكتور جاسم أن منهجيتنا في الماضي كانت تدفعنا إلى السير نحو الأمام، أما اليوم فإن منهجية الغربيين هي التي تسير أمامنا، فلا بد لنا من البحث عن طرق لسد هذه الفجوة.
وعندما أشار إلى مدى أهمية تصوراتنا المعرفية سأل أيضا، "ماهي المعرفة؟ وكيف نستطيع إنتاجها؟" وقال إن العمل على إجابة هذه الأسئلة ونظيراتها مهم جدا. وأشار إلى أن تجربة العالم الإسلامي في النظام المعرفي ليست حديثة وأن الحضارة الإسلامية لها تراث عميق الجذور في هذا الصدد.
وأشار إلى اتجاهين في سياق العمل على التراث، وقال إنه إذا تم الجمع بينهما، يمكن تحقيق نتيجة. الاتجاه الأول هو جهد من خارج التراث مثل الدهلوي وفضل الرحمن وإقبال والجابري. والثاني هو تيار يجتهد من الداخل يعمل من خلال أصول الفقه وعلم المقاصد.
وقد لفت الانتباه إلى مفهوم الدولة باعتبارها القضية التي يناقشها المسلمون أكثر من غيرها اليوم والتي تشغل أذهانهم بشكل مستمر، وأكد أن عقول المسلمين عالقة في هذه القضية منذ فترة طويلة. وقسّم الدكتور جاسم سلطان الدول الإسلامية إلى دول تتقدم حسب منهجية وإلى دول تحاول الالتفاف حول تلك المنهجية. وذكر تركيا وماليزيا كمثالين للقسم الأول، والسودان وإيران كمثالين للقسم الثاني.
وقال إن الالتباس حول مفهوم الدولة يجب أن يُقرأ من منظور العلاقة بين المعرفة والدولة. وأضاف بأننا نرفض الدولة الحديثة ولا نستطيع أن نقدم بديلاً، فنحن لا نجيب عادة سؤال: ما هي بالضبط الدولة الإسلامية؟ مشددًا على أن حلم الدولة اليوم للمسلمين بعيد كل البعد عن فهم الدولة في عهد النبي، وصرّح بأننا انتقلنا اليوم من فهم الدولة المطلقة إلى نظام اجتماعي والذي تطور بدوره إلى نظام تشاركي، مما يجعل ثقافة التعايش أكثر إمكاناً.
وذكر أن أحد أهم عيوب المسلمين اليوم هو قلة شجاعتهم في التوصل إلى حل. وسبب هذا هو أن كل عالم كبير يفسر القرآن بشكل مختلف عن غيره، بسبب اختلاف أنظمة إنتاج المعرفة ومخرجاتها. وقال إنه يجب أن يكون هناك نظام معرفي مشترك يجمع هذه المفاهيم المختلفة.
وقد قدم الدكتور بعض المعايير التي يجب مراعاتها عند إنشاء هذا النظام:
- أن يكون متوافقا مع النص.
- أن يكون متوافقا مع المقاصد العامة للشريعة.
- أن يتصف بالتناسق والتناسب مع المنطق.
- أن يتفق مع الضمير.
وأكد أنه مع ذلك النظام يمكن تقييم الحوادث من منظور أكثر فعالية ودقة. ولفت الانتباه إلى حقيقة أن التطورات في تكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والتدخل الجيني، ومشكلة اللاجئين، والفهم المتغير للتاريخ نتيجة الاكتشافات الأثرية، تعرض المسلمين لتهديدات أكبر بكثير. معلقاً بقوله "لا يمكننا حل مشاكل القرن الحادي والعشرين بإمكانيات القرن الثالث".
وقد ختم الدكتور كلامه بالإشارة إلى وجود منافسة شديدة في المجال العلمي والتكنلوجي على مستوى العالم. والمجتمعات المسلمة سواء شائت أم أبت داخلة ضمن هذا النطاق التنافسي وإن كانت في المؤخرة، والسؤال هو كيف نستطيع أن نستثمر ما لدينا من إمكانات بشرية في سبيل التطوير الذاتي في هذا المجال وإنتاج ما يسمى بشعور الإنتماء للحضارة الإسلامية عند شبابنا مرة أخرى والحصول على مكان في مقدمة هذا السباق.